اللَّهمَّ فاطرَ السَّماواتِ والأرضِ عالِمَ الغيبِ والشَّهادةِ ربَّ كلِّ شيءٍ ومليكَهُ ومالِكَهُ أشهدُ أن لا إلهَ إلَّا أنتَ أعوذُ بكَ من شرِّ نفسي ومن شرِّ الشَّيطانِ وشركِهِ وأن أقترفَ على نفسي سوءاً أو أجرَّهُ إلى مسلمٍ
إن أول أسباب الدواء هو الوقاية من المرض ، و تتم بأحد أمرين أحدهما معنوي و الأخر مادي .
الوقاية المعنوية و تتم بالإيمان بالله تعالى و الإلتجاء إليه في السراء و الضراء بالكلم الطيب و العمل الصالح فمن أطاع الله وقاه الله السوء و الفحشاء كما قال تعالى :
كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ 24
و كما قال تعالى :
فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ
فالإيمان بالله سبيل النجاة في الدنيا و الأخرة فمن آمن أمن كما قال تعالى :
الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ 82
و الأيات في هذا المعنى عديدة و إنما نريد التلخيص .
فمن أمن بالله إطمئن قلبه كما قال تعالى : و من يؤمن بالله يهد قلبه . و الطمأنينة و السكينة القلبية غاية السعداء و لاينالها إلا المؤمنون بالله و رسوله صلى الله عليه و سلم كما في قوله تعالى :
الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ 28
فالناس في هذه الإيام في حالة ذعر و خوف إلا المؤمنون فلهم طمأنينة القلب و طمأنينية القلب لا تتنافى مع ما أودعه الله في القلوب من الخوف من الأخطار لكن هذا الخوف يزول بذكر الله لأن المؤمن يرى في كل ما يصيبه الخير لأنه يؤمن بأن الله هو الذي ابتلاه به و ليس عليه إلا الصبر و الثبات فهو مع صبره يلجأ إلى ربه يدعوه و يرجوه فإن استجاب له الله في الدنبا حمد ربه و زاده ذلك يقينا بربه و إلا فإنه يعلم أن الله يدخر له الأجر في الأخرة و لذلك لا يقلق حتى لو علم أن ما يستقبله هو الموت و عندها يطمئن و يفرح للقاء ربه كما قال النبي صلى الله عليه و سلم :
من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه و من كره لقاء الله كره الله لقاءه
عَنْ أَنَسٍ قَالَ: "لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ يَتَغَشَّاهُ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلاَم وَا كَرْبَ أَبَاهُ فَقَالَ: " لَهَا لَيْسَ عَلَى أَبِيكِ كَرْبٌ بَعْدَ الْيَوْمِ"
قال الشعبي دخل بلال بن رباح يوما على عمر فأكرم مجلسه وقال ما أحد أحق بهذا المجلس منك إلا بلال فقال يا أمير المؤمنين إن بلالا كان يؤذى وكان له من يمنعه وإني كنت لا ناصر لي والله لقد سلقوني يوما في نار أججوها ووضع رجل رجله على صدري فما اتقيت الأرض إلا بظهري ثم كشف عن ظهره فإذا هو برص رضي الله عنه ولما مرض دخل عليه أناس من الصحابة يعودونه فقالوا أبشر غدا تلقى الأحبة محمدا وحزبه
و لهذا ينادي الله هذه النفوس المطمئنة و يخاطبها بما يرضيها من ربها قبل قبضها فيقول :
يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي و ادخلي جنتي
هذه الميزة ليست إلا للمؤمنين عباد الرحمن هم المطمئنون في الدنيا و الأخرة ، كيف يخافون في الدنيا و قد أمنهم الله من الفزع الأكبر ، هؤلاء هم صفوة الخلق الذين أنعم الله عليهم من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقا
الإيمان بالله هو الأصل و هو الأساس قال الله تعالى :
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ 96
و هذا البلاء الذي أصاب الناس في هذه الأيام إنما هو بسبب ذنوبهم قال الله تعالى :
ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ 41
جاء في التفسير الميسر :
ظهر الفساد في البر والبحر, كالجدب وقلة الأمطار وكثرة الأمراض والأوبئة; وذلك بسبب المعاصي التي يقترفها البشر; ليصيبهم بعقوبة بعض أعمالهم التي عملوها في الدنيا; كي يتوبوا إلى الله -سبحانه- ويرجعوا عن المعاصي, فتصلح أحوالهم, وتستقيم أمورهم.
فلابد من الرجوع إلى الله و ترسيخ دعائم الإيمان في القلوب و ينبغي الإهتمام بالعقيدة أولا و ترسيخها في قلوب الناشئة كما قرأنا لفضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في إحدى منشوراته التي كانت بعنوان العقيدة أولا
قال عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما : ( لقد عشنا دهرا طويلا وأحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن فتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم فيتعلم حلالها وحرامها وآمرها وزاجرها ، وما ينبغي أن يقف عنده منها ، ثم لقد رأيت رجالا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان ، فيقرأ ما بين الفاتحة إلى خاتمته لا يدري ما آمره ولا زاجره وما ينبغي أن يقف عنده منه ، ينثره نثر الدقل !! ). الدقل - أي التمر الرديء.